(( المعرفة والإعلام ))
حينما يُعرَّف الشاعر الثائر , رجل ا
لدين المجاهد الحقيقي , الذي قاد بنفسه أكثر من تسعين ألف مجاهد ثائر ضد أعتى جيوش المستعمر في حينه , وخاض أشرس المعارك في منطقة ( الشعيبة ) في البصرة ضد المحتل الإنكليزي عام 1914 _ 1915 م , ونقش اسمه في سجلات التاريخ بحروف من ذهب , وحول تمثاله المقام في احدى ساحات الناصرية قامت أحدث انتفاضة شعبية من أجل المطالبة بالحقوق المشروعة في تشرين 2019 م , ليكون جواب إحدى السيدات المتمظهرة بهيئة المرأة المتحضرة المثقفة في شارع الثقافة والفن والكتاب والمعرفة في شارع المتنبي , جواباً صادماً غير متوقع لمقدم البرنامج بأن الحبوبي هو ( طرشي , ثم تستدرك قائلة في النجف ) وقصدت به محل لبيع الطرشي في النجف , كم من الثقافة والخزين المعرفي والتاريخي لتلك السيدة ومثلها آلاف , وفي أحد البرامج التلفازية في لقاء مباشر مع الجمهور في منطقة باب الشرقي في وسط بغداد بالقرب من نصب الحرية , يوجه المقدم سؤال عن معنى كلمة أبل APPLE لثلاثة أشخاص بكامل قيافتهم من قاط و رباط لتكون إجابة الأول ( أبل كلمة جلفية تدل على مرة على انسان بشكله وهيئته ,والله معناها مانعرف يمكن الوِلِد يعرفون ,ليعتذر الثاني ,ويجيب الثالث أبل أنثى بالعربي , وعدنا سيارات القديمة أبل ,وتدل على فد مدينة بالغرب , هاي ثلاثة أشياء ) , ويسأل مقدم البرنامج رجل يرتدي السترة الخاصة بالإعلاميين ( أبل يعتبر شيء من الغربية , شلون نكول شي بالإنكليزي مثل اليوبي وسيكيوزمي بليس , من الكلمات الإنكليزية تعتبر أبل وأحنه عرفناها بالفترة الأولى والأخيرة مذكورة بلهجتهم الإنكليزية هسة مذكورة ) ليهرب المقدم من الرجل لعدم فهمه كلمة واحدة من كلام صاحبه . عندها عادت بي الذاكرة الى مسلسل ( تحت موسى الحلاق ) الذي عرض في ستينيات القرن الماضي ,وفي احدى حلقاته كيفية قيام ( حجي راضي _الممثل سليم البصري ) بترجمة رسالة ل ( أم غانم _ الممثلة سهام السبتي ) في حلقة ( تلميذ مسائي ) . تضبيب معرفي وجهل مركب بأبسط الكلمات والمصطلحات الدارجة , وفي مناسبة دينية تجمع الملايين من الزائرين سنوياً لمختلف الأعمار والأجناس والطوائف وحتى الأديان , يسأل مراسل احدى الفضائيات مجموعة من الشباب الزائر عن الخدمات المقدمة من طعام وشراب وحسن استقبال ومستوى الغطاء الأمني الذي توفره الأجهزة الأمنية العديدة المناط بها حماية الزائرين , لتكون الإجابات ايجابية وسارة , وعند سؤالهم عن صاحب المقام الشريف المعني بالزيارة , اسمه والقابه واسم ابيه وقربه من الرسول ( ص ) تكون الإجابات سلبية وخاطئة . هذا الفقر بالمعلومة وقصور الإطلاع والمعرفة , يجرنا للبحث عن الأسباب والدوافع لهذا الخلل , وهل من محطات مشابهة في التاريخ القديم لتلك الحالات التي ذكرناها آنفاً , فقد روي أن أحدهم سُئِلَ : ما تقول في معاوية ؟ قال رحمه الله و رضي عنه , قيل : فما تقول في يزيد ؟ قال : لعنه الله ولعن أبويه . ويحدثنا التاريخ عن مفارقة طريفة أشبه بالنكتة وهي موثقة وتدل على مستوى المعرفة المتدني والمنحط وحجم الجهل الذي خيّم على جموع من أفراد المجتمع سواء القديم والحديث , فقد سُئِلَ رجلٌ كان يشهد على رجلٍ بالكفر عند الأمير جعفر بن سليمان , فقال الرجل ( أصلح الله الأمير , هو خارجي معتزلي ناصبي حروري جبري رافضي , يشتم علي بن الخطاب , وعمر بن أبي قحافة , وعثمان بن أبي طالب , و أبا بكر بن عفان , ويشتم الحجاج الذي هدم الكوفة على أبي سفيان , فقال جعفر بن سليمان الأمير العباسي , ما أدري على أي شيء أحسدك , أعلى علمك بالأنساب أم بالأديان أم بالمقالات , قال : والله ما خرجت من الكُتّاب حتى تعلمت هذا كله ) . لماذا يتم تجهيل الشعوب بهذا الشكل القبيح ؟ هل التجهيل بالفطرة ؟ وإن الشعوب زاهدة بالتعليم والثقافة والمعرفة , أم أن هناك مَن يدفع للتجهيل القسري المتعمد , أعتقد جازماً بأن الشعوب تواقة للمعرفة والعلم والثقافة والآداب , لكن هناك من يضع العصي في عجلة تقدمها وتحضرها وتطورها وزيادة معرفتها , وهناك من يجد أن مصالحه الشخصية يحتم ويقضي هذا التعتيم المعرفي والتجهيل المبرمج للعامة , كي يحافظ على سلطانه وكرسي الحكم , فبالجهل والتجويع تبعد أذهان الناس عن التفكير بالسياسة ومصائب الحكم والمطالبة بالحقوق , بالتجهيل تعم الخرافة و الأساطير , وبالفقر تنسى الناس مظالمها , لإنشغالها بتوفير لقمة العيش , و إلاّ ما معنى عشرات البرامج الفضائية التي تركز اعلامياً على التفاهات و اللقاءات البعيدة عن الذوق العام والعلم والمعرفة , لقاءات مع حثالات المجتمع والساقطين اخلاقياً لنشر الرذيلة والتفاهة والكلام البذيء على العام , لاستدراج المجتمع و جره عنوة لنبذ كل جميل ونافع , وجعل الذائقة العامة تعتاد وتتقبل الشاذ والتافه , كما وتحويله تلقائياً و دون شعور لببغاء يقلّد الإمّعات البشرية دون تمحيص وتدقيق , وليلبس الحق بالباطل , ويزين القبيح و يجمله ويقدمه كقدوة اعلامية للمجتمع , لترى الألقاب مجاناً توزع على مدعي الفن والثقافة كعصفورة بغداد أو لبوة العراق أو بي تي أس أو أنمي ووووو , من العناوين الشاذة والمشبوهة , في حين نجد الرموز العلمية والثقافية و الأدبية والمجتمعية تبعد عن الأضواء وتحجم اعلامياً , ويتم التعتيم عن منجزاتها بشكل مقصود , كي يعلو ميزان التفاهة والتخريب والنخر في الواقع المجتمعي . لذا من الضروري والواجب على أهل المعرفة والثقافة والعلم , كالعالم والمدرس والشاعر والأديب والمثقف الحقيقي والوجيه الأصيل النبيل أن يفرض نفسه و يكون له دور أساسي بارز في كل مفاصل الحياة لإعادة كفة الميزان الى وضعها الطبيعي , وابراز الملامح الناصعة لتاريخنا وتراثنا وحاضرنا ومستقبلنا من أجل مجتمع متحضر متعلم سعيد .
لدين المجاهد الحقيقي , الذي قاد بنفسه أكثر من تسعين ألف مجاهد ثائر ضد أعتى جيوش المستعمر في حينه , وخاض أشرس المعارك في منطقة ( الشعيبة ) في البصرة ضد المحتل الإنكليزي عام 1914 _ 1915 م , ونقش اسمه في سجلات التاريخ بحروف من ذهب , وحول تمثاله المقام في احدى ساحات الناصرية قامت أحدث انتفاضة شعبية من أجل المطالبة بالحقوق المشروعة في تشرين 2019 م , ليكون جواب إحدى السيدات المتمظهرة بهيئة المرأة المتحضرة المثقفة في شارع الثقافة والفن والكتاب والمعرفة في شارع المتنبي , جواباً صادماً غير متوقع لمقدم البرنامج بأن الحبوبي هو ( طرشي , ثم تستدرك قائلة في النجف ) وقصدت به محل لبيع الطرشي في النجف , كم من الثقافة والخزين المعرفي والتاريخي لتلك السيدة ومثلها آلاف , وفي أحد البرامج التلفازية في لقاء مباشر مع الجمهور في منطقة باب الشرقي في وسط بغداد بالقرب من نصب الحرية , يوجه المقدم سؤال عن معنى كلمة أبل APPLE لثلاثة أشخاص بكامل قيافتهم من قاط و رباط لتكون إجابة الأول ( أبل كلمة جلفية تدل على مرة على انسان بشكله وهيئته ,والله معناها مانعرف يمكن الوِلِد يعرفون ,ليعتذر الثاني ,ويجيب الثالث أبل أنثى بالعربي , وعدنا سيارات القديمة أبل ,وتدل على فد مدينة بالغرب , هاي ثلاثة أشياء ) , ويسأل مقدم البرنامج رجل يرتدي السترة الخاصة بالإعلاميين ( أبل يعتبر شيء من الغربية , شلون نكول شي بالإنكليزي مثل اليوبي وسيكيوزمي بليس , من الكلمات الإنكليزية تعتبر أبل وأحنه عرفناها بالفترة الأولى والأخيرة مذكورة بلهجتهم الإنكليزية هسة مذكورة ) ليهرب المقدم من الرجل لعدم فهمه كلمة واحدة من كلام صاحبه . عندها عادت بي الذاكرة الى مسلسل ( تحت موسى الحلاق ) الذي عرض في ستينيات القرن الماضي ,وفي احدى حلقاته كيفية قيام ( حجي راضي _الممثل سليم البصري ) بترجمة رسالة ل ( أم غانم _ الممثلة سهام السبتي ) في حلقة ( تلميذ مسائي ) . تضبيب معرفي وجهل مركب بأبسط الكلمات والمصطلحات الدارجة , وفي مناسبة دينية تجمع الملايين من الزائرين سنوياً لمختلف الأعمار والأجناس والطوائف وحتى الأديان , يسأل مراسل احدى الفضائيات مجموعة من الشباب الزائر عن الخدمات المقدمة من طعام وشراب وحسن استقبال ومستوى الغطاء الأمني الذي توفره الأجهزة الأمنية العديدة المناط بها حماية الزائرين , لتكون الإجابات ايجابية وسارة , وعند سؤالهم عن صاحب المقام الشريف المعني بالزيارة , اسمه والقابه واسم ابيه وقربه من الرسول ( ص ) تكون الإجابات سلبية وخاطئة . هذا الفقر بالمعلومة وقصور الإطلاع والمعرفة , يجرنا للبحث عن الأسباب والدوافع لهذا الخلل , وهل من محطات مشابهة في التاريخ القديم لتلك الحالات التي ذكرناها آنفاً , فقد روي أن أحدهم سُئِلَ : ما تقول في معاوية ؟ قال رحمه الله و رضي عنه , قيل : فما تقول في يزيد ؟ قال : لعنه الله ولعن أبويه . ويحدثنا التاريخ عن مفارقة طريفة أشبه بالنكتة وهي موثقة وتدل على مستوى المعرفة المتدني والمنحط وحجم الجهل الذي خيّم على جموع من أفراد المجتمع سواء القديم والحديث , فقد سُئِلَ رجلٌ كان يشهد على رجلٍ بالكفر عند الأمير جعفر بن سليمان , فقال الرجل ( أصلح الله الأمير , هو خارجي معتزلي ناصبي حروري جبري رافضي , يشتم علي بن الخطاب , وعمر بن أبي قحافة , وعثمان بن أبي طالب , و أبا بكر بن عفان , ويشتم الحجاج الذي هدم الكوفة على أبي سفيان , فقال جعفر بن سليمان الأمير العباسي , ما أدري على أي شيء أحسدك , أعلى علمك بالأنساب أم بالأديان أم بالمقالات , قال : والله ما خرجت من الكُتّاب حتى تعلمت هذا كله ) . لماذا يتم تجهيل الشعوب بهذا الشكل القبيح ؟ هل التجهيل بالفطرة ؟ وإن الشعوب زاهدة بالتعليم والثقافة والمعرفة , أم أن هناك مَن يدفع للتجهيل القسري المتعمد , أعتقد جازماً بأن الشعوب تواقة للمعرفة والعلم والثقافة والآداب , لكن هناك من يضع العصي في عجلة تقدمها وتحضرها وتطورها وزيادة معرفتها , وهناك من يجد أن مصالحه الشخصية يحتم ويقضي هذا التعتيم المعرفي والتجهيل المبرمج للعامة , كي يحافظ على سلطانه وكرسي الحكم , فبالجهل والتجويع تبعد أذهان الناس عن التفكير بالسياسة ومصائب الحكم والمطالبة بالحقوق , بالتجهيل تعم الخرافة و الأساطير , وبالفقر تنسى الناس مظالمها , لإنشغالها بتوفير لقمة العيش , و إلاّ ما معنى عشرات البرامج الفضائية التي تركز اعلامياً على التفاهات و اللقاءات البعيدة عن الذوق العام والعلم والمعرفة , لقاءات مع حثالات المجتمع والساقطين اخلاقياً لنشر الرذيلة والتفاهة والكلام البذيء على العام , لاستدراج المجتمع و جره عنوة لنبذ كل جميل ونافع , وجعل الذائقة العامة تعتاد وتتقبل الشاذ والتافه , كما وتحويله تلقائياً و دون شعور لببغاء يقلّد الإمّعات البشرية دون تمحيص وتدقيق , وليلبس الحق بالباطل , ويزين القبيح و يجمله ويقدمه كقدوة اعلامية للمجتمع , لترى الألقاب مجاناً توزع على مدعي الفن والثقافة كعصفورة بغداد أو لبوة العراق أو بي تي أس أو أنمي ووووو , من العناوين الشاذة والمشبوهة , في حين نجد الرموز العلمية والثقافية و الأدبية والمجتمعية تبعد عن الأضواء وتحجم اعلامياً , ويتم التعتيم عن منجزاتها بشكل مقصود , كي يعلو ميزان التفاهة والتخريب والنخر في الواقع المجتمعي . لذا من الضروري والواجب على أهل المعرفة والثقافة والعلم , كالعالم والمدرس والشاعر والأديب والمثقف الحقيقي والوجيه الأصيل النبيل أن يفرض نفسه و يكون له دور أساسي بارز في كل مفاصل الحياة لإعادة كفة الميزان الى وضعها الطبيعي , وابراز الملامح الناصعة لتاريخنا وتراثنا وحاضرنا ومستقبلنا من أجل مجتمع متحضر متعلم سعيد .
اترك تعليقا:
