محور المقاومة انتصار الاستراتيجيا على التكتيك
" حياكة السجاد والصبر الاستراتيجي والذراع الضاربة " منإيران إلى سورية فحزب الله ، محور ينتصر بالاستراتيجيا ، ويهزم تكتيكات الزمهرير العربي. عندما سئل مرة الرئيس الراحل حافظ الأسد : لماذا تحالفت مع إيران ضد صدام حسين في الحرب الإيرانية العراقية ؟؟؟ فأجاب: " فقط للتاريخ سيأتي اليوم الذي يدافع عنك هذا الإيراني في الوقت الذي يكون فيه العرب يغمدون خناجرهم في صدور السوريين ". أنه خيارٌ تاريخي لقائد فذ أركع العالم ، فما هو تاريخ العلاقة السورية الإيرانية ؟؟ وكيف تطورت ؟ وكيف هي في يومنا هذا ؟ وقد صدقت رؤية القائد الراحل حافظ الأسد أتى ذلك اليوم الذي تكالبت فيه على سوريا كل العربان وأغمدوا سيوفهم ورماحهم وخناجر غدرهم في صدور السوريين ؟؟ فما هي طبيعة العلاقات الإيرانية بالعرب وسوريا تاريخياً ؟؟ يمكن تقسيم علاقة إيران بالعرب إلى حقبتين تاريخيتين ، الأولى في عهد شاهنشاه إيران محمد رضا بهلوي ، والثانية بعد الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني. ففي عهد الشاه كانت العلاقات العربية الإيرانية يسودها نوع من التوتر ولكن ليس بإجماع الدول العربية كلها , فالأثر السلبي الذي تركه توجه شاه إيران في معاداة القضايا العربية، ولا سيما عندما جعل من إيران موقعا متقدماً للمشروع الأمريكي الصهيوني ، في الوقت الذي كانت فيه فلسطين ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي وممارساته القمعية ، كان له الدور الأبرز في سوء العلاقات العربية الإيرانية وخصوصاً مع تلك الدول التي تحمل شعارات القومية العربية ، والتي تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية وعلى رأسها سوريا ومصر والجزائر ، في حين أن كانت العلاقات بين دول الخليج العربي جيدة جداً مع نظام الشاه ، تارةً بسبب تماثل الأهداف وتارةً تحت وطئة القوة والخوف ، حتى اشتهر وقتها شاهنشاه إيران بلقب شرطي الخليج ، الذي تخاف منه كل حكام دول الخليج العربي بأنظمته الإمبريالية منذ نشأتها. فماذا عن طبيعة وتاريخ العلاقة الإيرانية السورية؟؟ إن أهم النقاط التي أسست العلاقة بين الدولة السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي بشكل ثابت رفض الخنوع والتبعية والخضوع للقرار الصهيوأمريكي ، والسيادة والاستقلال ، والأهم من ذلك هو الرؤية الواضحة للثورة الإيرانية تجاه القضية المركزية للعرب والمسلمين في فلسطين المحتلة ، ومعاداة الكيان الصهيوني... ولكن ومنذ تلك الإيام لم يكن العرب جميعاً متفقين حول عداوة الكيان السرطاني ، فمصر غارقة بكامب ديفيد ، وأنظمة الخليج أتت أصلاً بل وأُنتجت برعاية بريطانية أمريكية صهيونية ، الأمر الذي جعل هذه العلاقة هدفاً لمحاربته من قبل تلك الأنظمة التي يرتبط وجودها بعمالتها وعبوديتها لسيدها الصهيوأمريكي ، كما إن تخوف تلك الأنظمة الإمبريالية من أن تصدر الثورة إليها وتسقط عروشها دعاها لحربها في بدايتها للقضاء عليها ، واستخدم النظام العراقي لتدمير الجمهورية الإسلامية وأغرق في الحرب لسنوات لإنهاك الدولتين وكان الرئيس الخالد حافظ الأسد يرى ذلك جيداً فاختار الوقوف لجانب إيران لمنع سقوطها ، كقوة صلبة ضاربة ضد الكيان الصهيوني والتمدد الأمريكي في المنطقة. ولكن الحكمة البالغة للقيادتين السورية والإيرانية استطاعت الإبقاء على مسافة بينها الأمر الذي كانت نتيجته أن ربحت سورية بموجب هذه الاستقلالية ، ولم تخسر إيران لأن المصالح الاستراتيجية لكلتا الدولتين بقيت مصانة. وهذه العلاقة الخاصة والقوية والاستراتيجية لم تبعد سورية عن عمقها العربي ، وإيمانها بضرورة وحدة العرب وقوتهم ، انطلاقاً من مبادئ ومنطلقات حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان تحكم فكر الرئيس الراحل حافظ الأسد ، و الذي قاد الدولة السورية فيه وكان الأساس في تنظيم علاقات سورية الداخلية والخارجية. مما سبق نستطيع أن نعزي سبب قوة العلاقات السورية الإيرانية إلى موضوعية وشرعية الأسس التي تقوم عليها هذه العلاقات كونها تستجيب لتطلعات الشعوب في التخلص من الاحتلال وفي مسعاها لتحقيق حريتها واستقلالها ، كما أنها تأتي لترميم وتعويض حالة الضعف في المشروع العربي وتشتته الذي ظهر بشكل مكشوف في السنوات الأخيرة ، تهافت العرب من فوق الطاولة وتحتها لإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني والتآمر علناً على محور المقاومة و قضية فلسطين المركزية ، والتركيز على تضييع اتجاه البوصلة ، وتغيير قبلة العداء من تل أبيب إلى إيران ، كما أن أحد بل وأهم عوامل القوة لتلك العلاقة هي علاقتها المباشرة بدعم كل أنواع المقاومات الشريفة بالمنطقة وعلى رأسها حزب الله والحركات الجهادية في فلسطين المحتلة واستعمالها كشوكة في حلق المشاريع العربية التأمرية الصهيونية. وقياساً على ما تقدم نستطيع التأكيد على عدم وجود رغبة لدى أي من الطرفين في الاستغناء عن هذه العلاقة ، لا سيما إذا ما أخذنا بالحسبان ميزة البراغماتية في سياساتهما وقدرتهما على صياغة علاقات جديدة مع الغرب أو غيره مع الحفاظ على علاقات قوية مع بعضهما ، بالتزامن مع استمرار لقاءات ومؤشرات التنسيق والتعاون الإقليمية الهادفة إلى تعزيز جبهة المقاومة على قاعدة عدم تقديم أي تنازلات أمام الضغوط الأمريكية والأوروبية والتهديدات الإسرائيلية. وبناءً على كل المخاطر التي تعصف بالمنطقة والعالم فإنه يتوجب على كلا القيادتين أن لا تتخليا عن هذه العلاقة وهذا البنيان إن أرادتا أن تكونا القوة الإقليمية الأكبر في المنطقة في مواجهة مشروع الشرق الأوسط الكبير التي طرحته المأفونة السوداء كوندي ، كما أن تقوية حلفها وتعاونهما المشترك الممتد والمدعوم من قبل روسيا والصين ومجموعة بريكس ، يعد من أهم القرارات لمواجهة التحديات التي تفرضها العولمة في جانبها الاقتصادي والسياسي والعسكري ، والتي تحتاج مواجهتها تعاوناً عربياً وإسلامياً ودولياً. فالمشروع الأمريكي الصهيوني لن يستثني أحد من العرب والمسلمين وأصحابه دائماً في حالة استنفار وعمل من أجل تفتيت البلدان العربية طائفياً ومذهبياً وعرقياً , وخلق بؤر توتر جديدة تستنزف طاقات الأمة وتخرب نسيجها الاجتم
اترك تعليقا:
