"صينية زكريا"بقلم /بيداءالعزاوي
اعتاد البغداديون في أول يوم احد من شهر شعبان من كل عام على إحياء "ليلة صيام زكريا" وإعداد "صينية زكريا".
وتعد النساء البغداديات "صواني" تملأ بالشموع المزينة والشرائط الملونة وأغصان الياس الأخضر وما لذ وطاب من الحلويات ،ابتهاجا بهذه الليلة المباركة.يرجع سبب الاحتفال بهذه الليلة وصوم يوم او يومين ،بحسب العادات الموروثة، هو الإيفاء بنذور النساء اللواتي يرزقن بطفل ذكر بعد طول انتظار، حيث حمل العيد اسم "زكريا" لاقترانه بالنبي زكريا (ع) الذي نادى ربه طالبا منه ولدا وهو في سن الثانية والتسعين من العمر وزوجته عاقرا في سن الثامنة والتسعين، وقد لبى الله تعالى نداء زكريا ورزقه بابنه "يحيى"، فمنحت هذه المعجزة النساء العواقر على مر العصور أملا في الإنجاب فتشبثن بإحياء طقوس يوم زكريا لوجه الله تعالى.قال تعالى “يازكريا انا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له سميا-قال ربي اني يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقر وقد بلغت من الكبر عتيا-قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك ولم تك شيئا-قال ربي اجعل لي اية قال آيتك الا تكلم الناس ثلاث ليال سويا" ، ان المرأة العاقر او من لم يرزقها الله غلاما تتولى بنفسها إعداد (صينية) عامرة بـ (الحلوى) و(الزردة ) أي الرز بالحليب والخضر والفواكه المختلفة والأكلات البغدادية الشهيرة مثل (الدولمة) و (الكليجة)، وتحاط هذه الصينية بشموع صغيرة وكافور ،كما اعتادت الأمهات وضع أوان فخارية تتكون من إبريق لكل ذكر من أولادهن ووعاء لكل بنت قرب الصينية.غير أن هذا التقليد البهيج خفت شعبيته وبدأ يندثر تدريجياً في بغاد، نتيجة تغيير نمط الحياة ومرور العراقيين بظروف صعبة أمنياً واقتصادياً جعلتهم يفقدون لذة السعادة في هذا اليوم.ويحتفل البغداديون بهذا العيد مع اختلاف نسبة الالتزام بأداء الطقوس، أما بقية الممارسات فتختلف من منطقة الى اخرى. ففي منطقة الكاظمية مثلا، كانت النساء تصوم يوماً أو يومين في أول يوم احد من شهر شعبان وتصوم بعضهن عن الكلام كما فعل النبي زكريا (ع )، أما الإفطار فيتكون من خبز شعير وماء من البئر، وعلى الرغم من غياب هذا التقليد حاليا، إلا أن الالتزام بالصوم مازال قائما.في عيد "زكريا" تشيع البهجة وتعزز الروابط الاجتماعية وتزدهر الزيارات بين الأقارب، وهو بلا شك يوم الأطفال المميز الذي ينتظرونه بشوق بالغ، من أجل الغناء وتناول أطعمتهم المفضلة على ضوء الشموع، مرددين عبارة "يا زكريا عودي عليه .. كل سنة وكل عام انصب صينية".
اترك تعليقا:
