محمد
عدنان بركات
من يطلع على سيرة
الكاتب محمد عدنان الجبارين العلمية والثقافية والأدبية، وعلى خبراته العملية
وتطوره المهني والدورات التدريبية، والكتب والأبحاث التي خطّها قلمه -يدرك أن هذه
القامة الإبداعية تحتاج لدراسة ما كتب، وسبر أغوار ما خطّ وما أضافه للمكتبة
العربية من درر وفرائد، فكتاباته متنوعة ما بين كتابات نقدية وأدبية ونحوية وسير
غيريه، كل ذلك يغري بالدارس أن يقرأ ما كتبه.. مثال ذلك كتابه " أبو إسحاق إبراهيم الشَّاطِبيّ نحويًّا، وقفات عند تحليلاته النَّحويَّة في مقاصده
الشَّافية" وبحثه "بين التّناوب في حروف الجرّ والتّضمين
اللّغويّ: إضاءات ووقفات" هذا في مجال النحو والبلاغة، وأما ما كتبه
في مجال النقد فبحثه المعنون "النّاقد الأدبيّ فاروق مواسي ناقدًا
أدبيًّا" والبحث
الآخر"روحي
ألخالدي خلود في مسيرة العطاء، محطات
من سيرته الذاتيّة وإشراقات من مسيرته الإبداعيّة" ، ومن أبحاثه في السيرة الغيرية "إسحاق
موسى الحسينيّ: نسائم من سيرته الذاتيّة، ونظرة في
مسيرة كتاباته في اللّغة العربيّة"
وهو ذوّاقة في الشعر فكتب بحثا بعنوان "الأديبة آمال
رضوان، المرأة والوطن والغربة في أعمال آمال
رضوان الأدبيّة، ويتكون من سبع وثلاثين صفحة. وبحث ثان بعنوان "الشّاعر أحمد
فوزي أبو بكر نسائم تعريفيّة حول مسيرته
الشّعريّة" وثالث بعنوان "الشّاعر
مسلم مصطفى محاميد، شاعر يعزف على وطن الأمل والألم"
وقد قام بكتابة مقالات
نقدية واجتماعية وأدبية ونثريات إبداعية ، في الصحف المحلية ومواقع الشبكة العنكبوتية
المختلفة، ومن ذلك: "سلسلة نقطة ضوء" ، و"امسك عليك ما بين
فكيك" وكلمات أخرى حول القصة القصيرة جدا وموضوعات أخرى.وتبنى محمد عدنان من
خلال مؤسسته "مؤسسة أنصار الضاد" الداعمة لمبدعين على امتداد الوطن لم
يأخذوا حقهم في المشهد الثقافي عدد من الأسماء والمواهب الشعرية والأدبية وقام بإصدارات عديدة ضمت
نتاجاتهم التي تلقفتها المؤسسات الأكاديمية والثقافية في مدننا الكبيرة لإيمانه أن
اللغة أساس تراث أي مجتمع علما أن تعريفها
في ويكيبيديا جاء"اللُّغَة العَرَبِيّة هي أكثر اللغات تحدثاً ونطقاً ضمنى مجموعة اللغات السامية، وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، يتحدثها أكثر من 467 مليون
نسمة، ويتوزع متحدثوها في الوطن ...فكيف سيكون الوضع مع مجتمع عربي فرضت عليه اللغة
العبرية كلغة أم.. و يُعّدُّ
موضوع:"التّحليل النّحويّ" من الموضوعات البارزة في الدّرس النّحويّ:
النظريّ والتّطبيقيّ؛ وعلى الرغم من ذلك، لم يلقَ العناية التي يستحقها من علماء
النّحو ودارسيه، إذ ركّزوا في دراساتهم على الجوانب النّظريّة لعلم النحو؛ أمّا
التحليل فاتّخذوه عاملاً مساعدًا لهم في دراساتهم تلك؛ دون أن يولوه - غالبًا-
أيَّ أهمّيّة؛ فلم يدرسوه دراسة تبرز قيمته أو تبحث فيه للوصول إلى معرفة الأسس
والقواعد المرتبطة به. وحاول الباحث محمد عدنان في دراسته أن يُلقي الضوء على الطّريقة الّتي
كان علماء السلف من النّحاة يعالجون بها النّصوص المختلفة مِنْ وِجْهةٍ نحويّة؛ من
أجل كشف نتائج التّحليل الّذي كانوا يقدّمونه بمراعاة قواعد علم النّحو ومعطياته،
وقد تمركزت حول علم من أعلام العربيّة هو الإمام الشّاطبيّ، وكانت رؤية الباحث
مُرَكِّزة زاوية النّظر على الأبعاد التّحليليّة تنظيرًا وتطبيقًا في سبيل تحديد
هذه الدّراسة وتوجيهها التّوجيه الصّحيح، وقد استقرّت على العنوان الآتي: "
أبو إسحاق إبراهيم الشّاطبيّ نحويًّا: وقفات عند تحليلاته النّحويّة في مقاصده
الشّافية".يُذكر أنّ الباحث قد نشر كتابه سابقًا بعنوان:"التّحليل
النّحويّ عند الإمام الشّاطبيّ.." لكنّه رأى أنّ تلك التّحليلات هي أكبر
إثبات على أنّنا أمام نحويّ من الدّرجة الأولى؛ ولذا فإنّ هذه الطّبعة ستحمل بصمة
إنصاف لهذا الإمام من خلال تصنيفه في صفِّ النّحاة المتميّزين.
ويعتمد
الباحث في معالجته لمادة دراسته هذه على المنهجَ الوصفيّ التّحليليّ بشكلٍ أساسيّ؛
إذ يسعى إلى تقديم صورة واضحة عن سمات العمليّة التّحليليّة عند نحاتنا
المتقدِّمين؛ مُلَخَّصة في شخص الإمام الشّاطبيّ، ولا يتأتّى ذلك إلاّ بتتبُّع
الظّاهرة وحصرها، ومراقبة حركة جزئيّاتها مطَبَّقة من شرحه على ألفيّة ابن مالك،
وهذا ما يوفّره المنهج الوصفيّ. وتشتمل
هذه الدّراسة على تمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة.
أمّا التّمهيد؛ فقد تمحوَرَ حول الإمام
الشّاطبيّ:حياته وآثاره؛ إذ قسّمه الباحث إلى قسمين؛ تحدّث في القسم الأوّل منه عن
حياة الإمام الشّاطبيّ العامّة، وتحدّث في القسم الثّاني عن حياته العلميّة.
وأمّا
الفصل الأوّل؛ فتحدّث فيه عن مبادئ التّحليل النّحويّ؛ شارحًا مصطلح التّحليل
النّحويّ ومفهومه، ومبيّنًا معايير هذا التّحليل، وموضِّحًا مجالاته.وأمّا
الفصل الثّاني؛ فعَنْوَنَهُ بـِ:"أصول التّناول في التّحليل النّحويّ"؛
وتحدّثَ فيه عن أدلّة التّحليل النّحويّ وقرائنه؛ ثُمَّ عَرَضَ لأركان صنعة
التّحليل النّحويّ؛ إضافة إلى موضوع الاستشهاد وأنواعه. و الفصل الثّالث؛ فَوَسَمَهُ الباحث
بـِ:"منهج التّناول في التّحليل النّحويّ"؛ وتحدَّثَ فيه عن أبرز
مكوّنات هذا المنهج؛ مثل:اهتمام الإمام الشّاطبيّ بالمعنى، واهتمامه باللّهجات،
واهتمامه بأساليب متنوّعة في التّحليل النّحويّ؛ كالتّفصيل والتّعليل؛ مُقَدِّمًا
نماذج تطبيقيّة، وأمثلة عديدة من واقع شرح الإمام؛ بهدف التّوضيح.
و الخاتمة:- بيّن فيها الباحث أهم النّقاط
البارزة في دراسته؛ إضافة إلى عدد من النّتائج الّتي توصّل إليها وعدد من
التّوصيات الّتي أوصى بها، ومن أهم النّقاط الّتي شملتها الدّراسة أنّ مدلول
التّحليل صار يُفهم تبعًا لما يضاف إليه؛ كتحليل الجملة وتحليل الدّم، أو ما
يُوْصَفُ به؛ كالتّحليل النّحويّ، أو التّحليل الاجتماعيّ، أو التّحليل الرّياضيّ،
أو التّحليل النّفسيّ، ولكلٍّ خصائصه وآليّاته؛ إلاّ أنّها تتّفق والدّلالة
المركزيّة الّتي تعني العودة بشيء مركّب إلى أجزاء بسيطة.
ويلخص
الكاتب في بحثه ويتوصل إلى النتائج التالية:
*أنّ مصطلح "التّحليل" قد
تطوَّرت دلالته من الإطار الحسّيّ، وهو فكّ العقدة إلى فكّ
الكلِّيّات
والمركّبات، وأصبح مدلوله لا يُفهم إلاّ بعد تحديد ما يُضاف إليه، أو ما يوصف به.
*أنّ عمليّة التّحليل النّحويّ بدت أكثر
وضوحًا، وأشدّ نضوجًا بعد التّقعيد، وما أتى به النّحاة
عامّة،
والإمام الشَّاطبيّ في تحليله النّحويّ خاصّة؛ لهو شاهد على ما أشير إليه من نضوج
العمليّة التّحليليّة بعد تقعيد النّحو، أمّا ما سبق التّقعيد فلا يعدّ تحليلاً
نحويًّا بل يمكن تسميته:"آراء وأنظار لغويّة".
*أنّ مصطلح "التّحليل
النّحويّ" قد ظهر حديثًا عند عدد من الدّارسين، والباحثين المحدثين في
دراساتهم النّحويّة؛ ومن أبرزهم: عبد العليم إبراهيم في كتابه:"النّحو
الوظيفيّ"، وعبد الحميد مصطفى في دراسته:"التّحليل النّحويّ عند ابن
هشام الأنصاريّ"، وفخر الدّين قباوة في بعض دراساته؛ مثل:"التّحليل
النّحويّ:أصوله وأدلّته"، و"جذور التّحليل النّحويّ في المدرسة
القرآنيّة القُدمى"، وزهرة الشّيخ عبّود في بعض دراساتها؛ مثل:"التّحليل
النّحويّ للآيات الكريمة حتّى نهاية القرن الثّاني الهجريّ".*أنّ للتّحليل النّحويّ معايير اعتمد
عليها الإمام الشّاطبيّ؛ ليطبّقها على النّصّ المراد تحليله؛ ليصل بعدها إلى تحليل
نحويّ دقيق، ومن أهمّها: معرفة المعنى، ومعرفة النّحو وقواعده، ومعرفة غيرها من
علوم اللّغة العربيّة، ومعرفة علوم القرآن، وغيرها من المعايير الّتي ذكرها الباحث
في دراسته هذه.
ويقترح
االباحث في ختام دراسته هذه ما يلي:
*أن تتّجه أيدي الباحثين والدّارسين إلى
الموضوعات الّتي استقرّ ظهور مصطلحها حديثًا؛
مثل:التّحليل
النّحويّ؛ بشرط أن يكون أساس البحث، ومنطلقه هو كتب نحاتنا المتقدِّمين.
*أن تتّجه أنظار الباحثين إلى الدّراسات
النّحويّة التّطبيقيّة؛ ولا بأس أن تشمل على وجهة
مقارنة
بين ما جاء به نحاتنا المتقدّمين وبين ما جاءت به نظريّات علم اللّغة الحديث؛
والمقصد في ذلك الدّراسات الّتي تعالج موضوعات؛ مثل:التّداوليّة، ونحو النّص،
وحتّى التّحليل النّحويّ؛ إذ يمكن دراسته عند أحد النّحاة المتقدِّمين ومقارنة ذلك
مع ما جاءت به اللّسانيّات المعاصرة في موضوع التّحليل اللّغويّ؛ إذ سيتضح أنّ
كثيرًا ممّا تشتمل عليه مكنونات تلك النّظريّات موجود عند نحاتنا المتقدّمين في
كتبهم النّحويّة المختلفة.
ويرى
الباحث أنّ مسؤوليّة إنجاح ما أشار إليه من مقترحات تقع على كاهل المؤسّسات
التّعليميّة الحكوميّة والرّسميّة العليا؛ كمجامع اللّغة العربيّة، وأقسام اللّغة
العربيّة في الجامعات المختلفة في الوطن العربيّ، وغيرها من المؤسّسات المعنيّة
بذلك.وأخيرًا؛
فإنّ الباحث لا يدّعي أنّه قد استوعب موضوع "التّحليل النّحويّ"؛ بكلّ
سماته وملامحه؛ بل يرى أنّ مثل هذه الموضوعات تحتاج إلى دراسات ودراسات؛ أمّا
الدّراسة الحاليّة؛ فلا تتجاوز أن تكون قراءة حاول خلالها الباحث أن يُبَيِّنَ بعض
ملامح هذا التّحليل عند واحد من أعلام النّحو العربيّ هو الإمام الشّاطبيّ؛
ولعلّها تكون باعثًا لقراءات أخرى تعيد لعلم النّحو هيبته وقيمته في نظر أهله
وذويه؛ فتعقد ألفة بين ما ابتغاه نحاتنا المتقدِّمين، وما يجب أن يكون عليه خلفهم
من تمثّل لمعطياتهم واعتزاز بجهودهم؛ فإن وُفِّق فمِن الله، وإن أخطأ أو جانب
الصّواب فمِن نفسه ومن الشّيطان.
ومن أبحاث الكاتب محمد عدنان جبارين
النقدية أيضا:
ب."النّاقد
الأدبيّ فاروق
مواسي ناقدًا أدبيًّا" :
.ومن أبحاثه الأخرى:
1.الشّاعر مسلم
مصطفى محاميد، شاعر يعزف على وطن الأمل والألم، أ.
محمد عدنان جبارين(بركات).
2.إسحاق موسى الحسينيّ: نسائم
من سيرته الذاتيّة، ونظرة في مسيرة كتاباته في اللّغة العربيّة، أ.محمّد عدنان جبارين وأ.صالح مصطفى محاميد
3. الأديبة آمال
رضوان، المرأة والوطن والغربة في أعمال آمال
رضوان الأدبيّة، محمّد عدنان جبارين (بركات). ويتكون من سبع وثلاثين
صفحة.
الخاتمة
عرضتِ الدراسةُ
الحاليّة محطات من السيرة الذاتيّة للباحث محمد عدنان جبارين، والمسيرة الثقافيّة
والفكريّة؛ لكاتب يستحق منّا كلّ تقدير. وذكرت للكاتب مختارات من أبرز الدراسات التي قام
بها وتوضيح أقسام منها، كما تحدثت عن مسيرته العلميّة وكتاباته الفريدة والمتنوعة.وتعدّ هذه
الدراسة لبنة أساسيّة لدراسات أخرى قادمة للباحث؛ حول سيرة محمد عدنان جبارين الذاتيّة أو مسيرته
الثقافيّة والفكريّة والأدبيّة، علّها تساهم في إعطاء هذا الكاتب الجليل قبس حقٍّ
يستحقّه؛ وتدعو الباحثين إلى الولوج نحو عالمه المشرق بعمق صادق. وهو
المؤلف الفذّ الحصيف، والكاتب الأدبيّ يتمتّع
بتذوّق عال يعتمد القراءة أساسًا، والمعرفة صديقًا مخلصًا، والتفكّر رابطًا
متينًا.
إيمان مصاروة
الناصرة
اترك تعليقا:
